المبادرة إلى التعليم
التعليم في هذه المرحلة ضروري للطفل ، فهي أفضل مرحلة للمبادرة إلى التعليم ، لنضوج القوى العقلية عند الطفل ، وللرغبة الذاتية لدى الطفل في (اكتساب المهارة العلمية) (1).
والطفل في هذه المرحلة لديه الاستعداد التام لحفظ كل ما يُلقى على مسامعه ، والتعليم في هذهِ المرحلة يساعد على رسوخ المعلومات في ذهنه وبقائها محفوظة في الذاكرة ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «مثل الذي يتعلّم في صغره كالنقش في الحجر» (2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حديث إلى الامهات : 217 .
(2) كنز العمال 10 : 294 | 29336 .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «حفظ الغلام كالوسم على الحجر» (1)
ولضرورة تعليم الطفل أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الوالدين به : «مروا أولادكم بطلب العلم» (2).
وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تعليم الطفل باباً من ابواب الرحمة الالهية للاَب فقال : «رحم الله عبداً أعان ولده على برّه بالاحسان إليه ، والتألف له وتعليمه وتأديبه» (3).
والتعليم حق للطفل على والديه ، قال الاِمام علي بن الحسين عليه السلام : «...وأمّا حق الصغير فرحمته وتثقيفه وتعليمه...» (4).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «من حقِّ الولد على والده ثلاثة : يحسّن اسمه ويعلّمه الكتابة ، ويزوجّه اذا بلغ» ).(5).
والتعليم على القراءة والكتابة في عصرنا الراهن تقوم به المؤسسات التعليمية وخصوصاً المدرسة ، ولكنّ ذلك لا يعني انتفاء الحاجة إلى الوالدين في التعليم ، بل يجب التعاون بين المدرسة والوالدين في التعليم.
ويجب ان يكون التعليم غير مقتصر على القراءة والكتابة بل يكون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كنز العمال 10 : 238 | 29258 .
(2) كنز العمال 16 : 854 | 45953 .
(3) مستدرك الوسائل 2 : 626 .
(4) تحف العقول : 194 .
(5) مكارم الاخلاق : 220 .
شاملاً لكلِّ جوانب العلم ، في مجالاته المختلفة كعلوم الطبيعة والعلوم الاِنسانية كالادب والتاريخ والفلسفة وغيرها ، اضافة إلى التركيز على الجوانب الروحية والعبادية قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تأكيده على تعليم القرآن : «... ومن علّمه القرآن دُعي بالابوين فكسيا حلّتين تضيء من نورهما وجوه أهل الجنة» (1).
وتعليم القرآن يكون شاملاً لجميع جوانبه ابتداءً بتعلّم القراءة الصحيحة وفق الضوابط اللغوية ثم التشجيع على الحفظ مع مراعاة المستوى العقلي للطفل ، والتعليم على التفسير الصحيح لبعض الآيات والسور التي يحتاجها الطفل في هذه المرحلة ، وخصوصاً ما يتعلّق بالجانب العقائدي والاخلاقي ، والجانب الفقهي المتعلّق بالاحكام الشرعية المختلفة من العبادات والمعاملات .
وفي هذه المرحلة يجب تعليم الطفل على كيفية العبادات ومقدماتها كالوضوء والصلاة ، قال الاِمام محمد بن علي الباقر عليه السلام : «... حتى يتّم له سبع سنين قيل له اغسل وجهك وكفّيك فاذا غسلهما قيل له صلِّ ، ثم يترك حتى يتم له تسع سنين فاذا تمّت له تسع سنين علّم الوضوء...» (2).
والطفل بحاجة إلى تعلّم الحديث لتحصينه من التأثر بالتيارات المنحرفة ، قال الاِمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : «بادروا أولادكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليه المرجئة» (3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي 6 : 49 | 1 باب بر الاولاد .
(2) من لا يحضره الفقيه 1 : 182 .
(3) الكافي 6 : 47 | 5 باب تأديب الولد .
وقال الاِمام الحسن عليه السلام موضحاً ما تعلّمه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «علمّني جدّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلمات أقولهّن في قنوت الوتر... اللهّم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليّت»
ويجب على الوالدين تعليم الطفل على كلِّ ما ينفعه في حياته ففي الرواية التالية يعلم أمير المؤمنين عليه السلام ولده الحسن على الخطابة (قال علي ابن أبي طالب عليه السلام للحسن : «يا بنيّ قم فأخطب حتى اسمع كلامك ، قال : يا أبتاه كيف أخطب وأنا أنظر إلى وجهك استحيي منك» ؟ فجمع عليّ بن أبي طالب عليه السلام امهات أولاده ثم توارى عنه حيثُ يسمع كلامه...) (2).
ومن مصاديق التعليم تعليم الرمي والسباحة كما تقدّم ، ولاَهمية التعليم شجّع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المعلّم والصبي والوالدين على حدٍ سواء فقال صلى الله عليه وآله وسلم : «إنّ المعلّم إذا قال للصبيّ : بسم الله ، كتب الله له وللصبي ولوالديه برائة من النار» (3).
وكان أمير المؤمنين عليه السلام يشجّع على تعليم الاطفال شعر أبي طالب عليه السلام ، فعن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال : «كان أمير المؤمنين عليه السلام يعجبه أن يروي شعر أبي طالب وأن يدوّن ، وقال : تعلّموه وعلمّوه أولادكم فانه كان على دين الله وفيه علم كثير» (4).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مختصر تاريخ دمشق 7 : 5 .
(2) بحار الانوار 43 : 351 .
(3) مستدرك الوسائل 2 : 625 .
(4) مستدرك الوسائل 2 : 625 .