أن الأسرة تلعب دوراً أساسياً في التنشئة الاجتماعية للصغار، ويتأثر سلوك الفرد في مدارج عمره، بما يكتسبه من خبرات الطفولة المبكرة.و هذه الخبرات من نتاج البيئة. والبيئة للطفل هي الأسرة والبيت. ولذلك تلعب الأسرة الدور الأساسي في بناء شخصية الفرد. وتتحدد سمات الشخصية واتجاهاتها، وفقاً لنوع العلاقات بين الطفل ووالديه وأخواته وأقاربه وجيرانه.
ورغم أن شخصية الفرد تتأثر في مراحل الحياة المتتابعة بمؤثرات متعددة فإن الفرد عندما يمتد به العمر وتزداد علاقاته ومصالحه مع الآخرين، ويكتسب العديد من الخبرات فإن جوهر شخصيته يتأثر بخبرات الطفولة المبكرة ونوعية العلاقات المؤثرة في هذه المرحلة من العمر.
وتؤثر العلاقات الأسرية في عمليات التنشئة وفقاً للعوامل التالية:
-1 العلاقات المتبادلة مع الأم: حيث يؤثر جنس المولود.. الذكر أو الأنثى.. على سلوك الأم في علاقاتها الاجتماعية مع أطفالها فقد تؤثر الذكور على الإناث أو العكس وقد يكون سلوكها ظاهراً أو خفياً، وبطبيعة الحال يتأثر الصغير.. الذكر أو الأنثى بسلوك الأم، فالعلاقة بين الأم والصغير علاقة متبادلة.
-2 سلوك الوالدين في التمييز والتعامل مع الأبناء فقد يحدث تفضيل من أحد الأبوين للذكور أو للإناث أو لولد أو بنت صغيرة وينعكس هذا في سلوك أحد الوالدين فإما قسوة أو حنان وإما تعامل متساو مع الأبناء جميعاً.
-3 نوع الولادة وأثرها على معاملة الأم: الولادة العسرة تؤثر على سلوك الأم فتجعلها أكثر مغالاة في حماية صغيرها، وبالطبع يعكس هذا التعامل على الصغير اعتماده فيما بعد على الكبار وخاصة الأم. وقد تغالي الأمهات في ذلك خاصة إذا علمن أنهن لن ينجبن بعد ذلك.
- 4الحرمان من الأمومة: غياب الأم لفترات محدودة من حياة الصغير يؤثر على حالته الانفعالية والحرمان الكامل من الأمومة يؤثر على الحياة العاطفية للصغار وخاصة إذا كانت هناك بدائل للأمهات لايقمن بتقديم معاملة طيبة للصغار.
- 5 الاعتماد على الأبوين: يتأثر الطفل في الاعتماد على الأم بصفة خاصة وفقاً لترتيبه الميلادي، والطفل الأول لكونه محط رعاية زائدة من الأم والأب بعد الميلاد كثيراً ما يركن في حياته المقبلة على غيره ويكون اعتماده على ذاته في غير مساره الطبيعي وعادة ما يعتمد الصغير على الأم حتى نهاية السنة الثانية حيث تقع مرحلة حرجة في حياة الصغير وحيث يتعرض للضغوط الاجتماعية لتنمية الاستقلالية لديه ولتعديل سلوكه وفي هذا ما قد يسبب له متاعب نفسية وصحية.
- 6تحكم الآباء بالأبناء: قد يتعرض الأبناء لسلوك السيطرة والخضوع لأوامر الأباء من دون مراعاة لتحقيق مطالب الأبناء، وقد يكون العكس حيث يحدث إذعان من قبل الآباء وتحقيق مستمر لمطالب الأبناء. وهذه الوسائل من شأنها إيجاد التبعية أو العدوانية والانحرافات السلوكية من جانب الأبناء.
- 7الجو السائد في العلاقات الأسرية: تتأثر التنشئة الاجتماعية للصغار بالجو السائد في العلاقات الأسرية، فقد تزداد خلافات الصغار مع الآباء والأخوة وتصبح واضحة في الطفولة المتأخرة (6-12 سنة) وخاصة بعد سن التاسعة. ونتيجة لذلك تتغير اتجاهات الطفل نحو الوالدين ويتغير اتجاه الوالدين نحو الطفل فقد يوجه الوالدان النقد والعقاب وقد يفتقد الصغير عطف الأبوين وحنانهما. وقد يتعرض لحزم وقسوة من جانب الأبوين.
ويزداد التوتر في علاقات الأخوة الكبار بالصغار، حيث يتعرض الصغار للإيذاء من جانب الأخوة المراهقين أو الراشدين، وحيث تزداد المشاكل عندما يتدخل الآباء لفض المنازعات بين الأبناء.
- 8الرفاق: تأثير الأتراب والرفاق في السنين الأولى من العمر غير مميز، وإن كان الرفاق في الطفولة المتأخرة وإبان فترتي البلوغ والمراهقة لهم دور أساس في سوية السلوك أو انحرافه عند الصغار.
وفي مرحلة المراهقة يشتد تأثير الجماعات التي ينضم إليها الصغير، بحيث تسيطر سيطرة كبيرة على أغلب نشاطه، وحيث يحدث تجمع صغير يحقق رغبات الفتى حيث أن هذه المظاهر تبدو عند الذكور أكثر منها عند الإناث. وهي في صورتها السوية ظاهرة صحية مثل تجمعات الكشافة والجوالة ومنظمات الشباب وفي صورتها غير السوية تبدو في رفقة السوء الذين يتجمعون على قارعة الطريق للسخرية من المارة أو للتدخين في الأماكن المنعزلة البعيدة عن الرقباء، أو للسرقة أحياناً وتقليد أبطال الأفلام السينمائية أو للدخول في سباق السيارات، أو للتفحيط أو ما نشاهده من مروق وخروج على القوانين من بعض الأبناء الصغار والناشئة.
يمكن وصف عملية التنشئة الاجتماعية بأنها العملية التي تتشكل فيها معايير الفرد ومهاراته ودوافعه واتجاهاته وسلوكه لكي تتوافق مع تلك التي يعتبرها المجتمع مرغوبة ومستحسنه لدورة الراهن أو المستقبل في المجتمع.